كل حذيث مضلة الا للفقهاء
وكلّما كان الاشتغال على :«الحديث» حِفظاً إذ يُصار إليه بمعزلٍ تامٍ عن تطلّب «الفقه» فيه ازداد الابتلاءُ بـ»نابتةٍ» يقولون من خير قول البريّة.. مِن أولئك الذين تنتظمهم الصفات الواردة في ذات الحديث الصحيح والذي بات محفوظاً من كلّ أحد: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ولم يزد «الداعشيّون» هذا الحديث وسواه إلا تصديقاً حيث مبلغهم من العلم لا يعدو أن يكون ضرباً من التّكثر بالمحفوظ سُنّةً وَفقَ انتقائيّةٍ اعتقدوها قبلاً ثُم اشتغلوا تالياً في الاستدلال عليها تعنّتاً مع افتقارٍ بيّن للتورع، برهان ذلك ما كان من استباحتهم «الدماء» بتأولٍ باردٍ ولا تسأل بعد ذلك عن جرأةٍ بالغةٍ في إعمالهم «المحفوظ» بهوى متّبعٍ ليس لهم فيه أدنى علاقةٍ بالفقه ولا بمباحث أصوله.
قال ابن أبي زيد القيرواني تعليقاً على عنوان المقالة (والذي تمّ استعارته من كلام الإمام سفيان بن عُيينه) ما يلي: (يريد أن غيرهم قد يحمل شيئاً على ظاهره وله تأويل من حديث غيره، أو دليل يخفى عليه، أو متروك أوجب تركه غير شيء مما لا يقوم به إلا من استبحر وتفقّه) وكان الأعمش يسأل أبا حنيفة عن المسائل فيجيبه فيقول: من أين لك هذا فيقول: أنت حدثتنا عن النخعي بكذا أو عن الشعبي بكذا فيقول: الأعمش عند ذلك يا معشر الفقهاء نحن الأطيار وأنتم الصيادون لها.
وقال ابن وهب: «كل صاحب حديث لا يكون له رأس في الفقه لا يفلح» وهو من قال: «لولا مالك بن أنس والليث بن سعد لهلكت، كنت أظنّ أنّ كلّ ما جاء عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل به».
وحفظ عن أكثر من واحد قولهم: «لا أجهل من صاحب حديث إن لم يتفقه فيه» بينما قال مالك عنه لابني أخته بكر وإسماعيل: أراكما تحبان الحديث وتطلبانه، قالا: نعم، قال: إن أحببتما أن تنتفعا به وينفع الله بكما فأقلا من الحديث.
وفي الجملة: ألم يأن لنا بعْدُ إعادة النظر في منهجيات: «دورات تحفيظ السّنة» كالتي تقام في الحرمين وسواها رغبة في قطع الطريق على مُنتجٍ قد نتأذى منه لا حقاً؟.
0 Response to "كل حذيث مضلة الا للفقهاء"
Post a Comment
SILAHKAN KOMENTAR